بسم الله الرحمن الرحيم
اعذروا الاطالة في هذا الموضوع , ولكنه بسبب الأهمية
عمر بن الخطاب ليس بالفاروق !!!
أراد احد الأخوة أن يذكر كنايات بعض الصحابة التي كناهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومن بينهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كناه الرسول صلى الله عليه وسلم بالفاروق , ولفت نظري رد أثار حفيظتي من " أحد الأرقام " , يقول فيه إن اليهود هم من كنوه بالفاروق , والمراد هنا حقيقة نزع أي وسام عن عمر رضي الله عنه , وتجريده من أي فضيلة , على عكس ما يبدو من حسن نية مصحح تاريخي
ولما وجدت أن الرد يستدعي الشرح والتوضيح ,وفيه فائدة لكافة الأطراف , ارتأيت أن أرد بموضوع منفصل , مع إضافة رابط هذا الموضوع في مساحة الرد لذالك الموضوع , وعليه ابدأ باسم الله :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وهو الفاروق ,فرق الله به بين الحق والباطل"
وعن أبي عمر ذكوان قال : " قلت لعائشة من سمى عمر الفاروق ؟ قالت النبي عليه السلام "
إن لتسمية عمر بالفاروق علاقة بظهور الإسلام , فإن المسلمين قبل إسلامه كانوا يستخفون في دار الأرقم وهي في أصل الصفا , ويؤدون شعائرهم الدينية في منازلهم , فلما أسلم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : السنا على حق إن متنا أو حيينا ؟
قال : " بلى , والذي نفسي بيده إنكم لعلى الحق إن متم وإن حييتم "
قال : " ففيم الاختفاء والذي بعثك بالحق لتخرجن.
قال : " فأخرجناه في صفين حمزة في أحدهما وأنا في الأخر حتى دخلنا المسجد , فنظرت إلي قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها , فسماني رسول الله بالفاروق وفرق بين الحق والباطل "
ملاحظة : الرسول الأكرم عليه أفضل الصلاة والتسليم كان يدعى في قريش قبل ظهور الدين بالأمين , وظل يدعى بالأمين بعد الإسلام , وما انتقص هذا منه شيئا
رغم أني لم أسمع برواية اليهود هذه , وأستنكر على من يجر الأحاديث المنكرة لتسمية الرسول الكريم لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه بالفاروق , فمما لا شك فيه انه سمي بالفاروق لسبب ما , ولا أستبعد على صاحبنا أن يطلع علينا بأنه سمي بالفاروق لسبب تافه , وهذا غير صحيح
قد يدعى المدعون أن هذه أحاديث لا يعتد بها لجهة صدورها , وهذا طبيعي منهم , فكل ما يسوؤهم يصبح حديثا ضعيفا , أو إسناده باطل , أو أنه مدسوس , وان عجزوا عن تضعيفه فهو تقيا !!!!!!!!!!!! , وهذا ليس الا هروبا من الحق والحقيقة بأن رسول الله وأل بيته والصحابة الكبار جسد واحد تجمعهم كلمة التوحيد والمودة والرحمه , وليس أدل على ذلك تسمية بعض أبنائهم على أسماء أحبتهم ونذكر على سبيل المثال:
علي كرم الله وجهه : أبناؤه بعد الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية سمى احد أبنائه بأبا بكر , وولد أخر اسمه عمر وولد آخر اسمه عثمان رضي الله عن الجميع
عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب : أحد بنيه أبو بكر رضي الله عنهم جميعا
الحسن بن علي : أحد بنيه أبا بكر , وآخر اسمه عمر وأخر اسمه طلحة رضي الله عنهم جميعا
الحسين بن علي : احد أبنائه أبا بكر رضي الله عنهم جميعا
زين العابدين بن علي بن الحسين كان يكنى بابي بكر رضي الله عنهم جميعا
علي بن موسى بن جعفر الإمام الثامن لدى الجعفرية الاثني عشريه كان يكنى بابي بكر رضي الله عنهم جميعا
وهذا كله يمكن الرجوع إليه من شجرة النسب الكريم الموثقة في الكثير من الكتب لدى الطرفين
حسبنا هذا دون ذكر المصاهرة بين آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكبار رضوان الله عليهم جميعا
أفلا تكفي هذه كأدلة على حب أل البيت للصحابة الكبار وبالعكس الصحابة الكبار لآل البيت الكرام ؟؟؟
إن إنكار فضل عمر أو أي من الصحابة الكبار لخطأ كبير , الله سبحانه وتعالى يدافع عن رسوله صلى الله عليه وسلم , فلو كان عمر بن الخطاب أو أبو بكر الصديق رضي الله عنهما خاطئين ويستحقا ما يجدف به المتشدقون لعلمه الله بعلمه الغيب الإلهي , ولما سمح الله بأن يجاورا حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور, ولباعد بينهم , وهذا ليس على الله بكثير, ولما استطاع مخلوق أن يدفنهما في ذلك الجوار الطاهر المبارك, ولكن واقع الحال يقول غير ذلك وهو ذو دلالة عظيمة يستطيع كل مسلم له بصر أن يراه, ويسكت به كل لسان أثم
فاتعظوا يا أولي الألباب
فإنكم جميعا ملاقوا ربكم في يوم عظيم وستحاسبون , ولن تزر وازرة وزر أخرى , وستحاسبون على توحيدكم , وعلى حسن عبادتكم , وعلى رحمتكم بالمؤمنين , وعلى وفائكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واله وصحبه الكرام
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }البقرة134
واختم هنا بقصة مسندة للإمام علي بن الحسين عليه سلام الله وتاليا فحواها :
براءة علي بن الحسين عليه السلام في أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عن أل بيته عليهم سلام الله وصحابته الكرام
روى أبو نعيم بسنده عن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين رضي الله عنهم وأرضاهم أنه قال : " جلس قوم من أهل العراق فذكروا أبا بكر وعمر فنالوا منهما , ثم ابتدأوا بعثمان
فقال لهم : أخبروني , أأنتم من المهاجرين الأولين الذين قال الله فيهم :
" لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " {8} الحشر
قالوا : لا
قال : فانتم من الذين قال الله فيهم "
" وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ "{9} الحشر
قالوا : لا
فقال لهم : أما أنتم فقد أقررتم وشهدتم على أنفسكم أنكم لستم من هؤلاء ولا من هؤلاء , وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالثة الذين قال الله عز وجل فيهم :
" وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا " {10} الحشر
فقوموا عني لا بارك الله فيكم , ولا قرب دوركم أنتم مستهزئون بالإسلام ولستم من أهله
اللهم اهدنا جميعا الى سواء السبيل , وليكن كل مسلم منا فاروقا ,فذلك لا ينتقص من أل البيت شيئا , ولا ينتقص من عمر شيئا أيضا
رحم الله السبطين، الحسن والحسين، وعليا وفاطمة في الخالدين. والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
منقووووووووووول